
المقبرة مدينة كالمدن، فيها الأحياء الراقية، أحياء المُنَعَّمين، فيها تفرغ زينه بمساحاتها الخضراء التي لا تذبل، وأنهارها التي لا تنضب، وأنوارها التي لا تنطفئ..وفيها أحياء البائسين، أحياء القيظ، والنار، وأحياء الضرب بمقامع الحديد، وبين ذاك وهذا، أحياء انتظار تسلخ جلودَهم مخالب ألم، وتداوي جراحَهم أنامل أمل…
قال موقع أصداء المقابر إن عددا من الأموات صرحوا أنهم يتابعون بقلق، وحذر شديدين، ما يحدث من تهميش، وإقصاء لبعض المقابر الفاعلة في دعم ومباركة ما يقوم به المأمورون بقبض الأرواح، باستقبال أعداد كبيرة من المبعدين من الحياة، مهما كانت أسباب وفاتهم، وظروف أجسادهم المتحللة…
وأكدوا أنهم ينزعجون أحيانا كثيرة من صوت يشبه النفخ في الصور، ويخيل إلى باقي الأموات المنضبطين، أن إسرافيل قد الْتَقم القرن، فتتعرق جباههم وجلا، ليظهر أن ما حصل هو ابتعاث مكرر لبعض الأموات المتلبسين بجريمة التهرب من الدفن، والمستفيدن من جرعات تقوية مخصصة أصلا للأحياء، يتلقونها بطريقة غير عادلة، تحميهم من التسفير إلى مدائن العالم الآخر..
وقال متحدث باسم حراك إحدى أكبر المقابر، وأقدمها عهدا، إنهم يطالبون بتساوي الفرص بين جميع الأموات في التعجيل بمواراة الجثامين، ونصب اللبِن والشاهد الحجري على القبر، لتحديد هوية المستوطن الجديد، وإحكام قفل الصندوق، أو الحوض الذي يحوي الجثمان، حتى لا يتسلل بعض الأموات في هجرة غير شرعية إلى مدن الأحياء..
وجدد المطالبة بتحويل المقبرة القديمة والتي تشهد نموا متزايدا إلى جهة مركزية تسمى على (مريم نانا) المتوفاة سنة واحدة بعد الطوفان…
وطالبت حركة”لا تلمس عجب ذنبي” بتعيين ممثلين عنها في بعض المرافق العمومية الأساسية حتى لا تنطمس هوياتهم، وترتفع بركتهم من الأرض، مثل(اندقليس، وأرمياس) اللذين استشهدا في انهيار سد مأرب..
ووجهت نداء إلى أمة الأحياء، تحذرهم فيه من اندساس أموات بينهم، يستحوذون على خيراتهم، ويحصلون باسمهم على المنافع، والرتب، والتسميات، والترقيات، وهم يحملون بطاقات هوية حياتية مزورة..
وقالت الحركة إنها تتطوع بمزرعتين من دواب الأرض، تُرسل على مناسئ الأموات المندسين تأكلها حتى يخروا، ويتبين للناس أنهم كانوا في العذاب الأليم…