صحفي مصري يكتب: "كونتا كينتي" المسلم الموريتاني والقتيل جورج فلويد!

(نواكشوط _ صوتك):

بمناسبة العنصرية الامريكية البغيضة ضد المسترقين الأفارقة، الامريكيون الاوربيون لازالوا ينعتون السود بـ"الافارقة" رغم مرور مائتي عام على سرقتهم واسترقاقهم من سواحل إفريقيا وتذكر المراجع في ذلك ان ما يقرب من مائتي مليون افريقي تم استعبادهم وشحنهم في سفن الرق الى اوربا وأميركا ، ولعل اهم ما كتب عن هؤلاء البوساء هو رواية الجذور للكاتب الاميركي أليكس هيلي حفيد كونتا كينتي الذي تم تخليد قصته في هذه الرواية التي تحولت الى مسلسل تلفزيوني بنفس الاسم جذب انظار العالم في نهاية السبعينات وتحكي قصة القبض عليه واسترقاقه عام 1761م حيث كان عمره 18 عاما في قرية جوفور بدولة جامبيا الحالية و ثم ترحيله إلى أنابوليس نفس المدينة التي قتل فيها جورج الذي قد يكون حفيدا للمسلم الموريتاني كونتا كينتي الذي سيق مع 140 شخص تم اختطافهم من الأدغال بواسطة تجار العبيد. مات منهم 60 في السفينة ورُمي بهم في البحر ليصبحوا طعاماً للأسماك.

تم بيعه كعبد لعائلة برجوازية بقيمة 750 دولاراً كأعلى سعر وقد قدم أروع الأمثلة على الصبر والجَلَد من خلال محاولاته المتكررة للهرب ورفضه تغيير اسمه الاسلامي الي توبي الذي اطلقه عليه مستعبده وكان لا يستجيب لنداءه حينما يناديه ب توبي، فكان يقيده بالحبال ويضربه بالسياط بشدة أمام كل العبيد الآخرين، و يسأله: ما اسمك؟ فكان يرد عليه: "كونتا كنتي"، فتنهال عليه السياط من مالكه مرة أخرى: ما هو اسمك؟ فيرد بصوت لا يكاد يسمع "كونتا كنتي"، ".. فقام مستعبده بقطع رجله اليمنى حتى لا يهرب ثم عالجته امرأة سوداء اسمها "بيل" وهي طباخة عند نفس الرجل، تزوج بها كونتا وأنجبا طفلة أسمياها كيزي ،وعندما أوشك كونتا على الموت جاءه السؤال: ما اسمك؟ فقال واهنا : "توبي"،

وبعد وفاته رجعت ابنته كيزي لاحقاً إلى مكان دفنه و قامت بتغيير اسم "توبي" من فوق قبره ووضعت مكانه اسمه "كونتا كنتي".وصارت قصته مضرب الامثال ...

بني له بعد سنوات طويلة نصب تذكاري في وسط مدينة أنابوليس بالمناسبة التمثال قريبا من نفس موقع قتل جورج الذي اثار هذه الموجة من الغضب .اما اخينا كونتا كينتي فأصله موريتاني مسلم من قبيلة كنتي وهي القبيلة الاشهر على امتداد جنوب الصحراء الكبرى من المغرب وموريتانيا حتي دارفور مرورا ب"ازواد " مالي والنيجر وتشاد والجزائر ومن اهم مشاهيرها الولي التقي العالم العابد الصالح سيدي المختار الكنتي صاحب الكرامات العظمي، الذي يمتد نسبه الي عقبه بن نافع الفهري ت1811م ومن هذه القبيلة العالمة العظيمة مشاهير وعظماء في كافة المجالات اعرف شخصيا منهم السياسي الشاب عبد الرحمن ودادي زينة شباب موريتانيا ووالده استاذنا الكبير الصحفي والأديب والمترجم والوزير الموريتاني الشهير محمد محمود ودادي والذي عمل في الثمانينات سفيرا لموريتانيا في دمشق .. لجأ اليه وقتها 100مقاتل من طوارق ازواد ، كان قد ارسلهم معمر القذافي لدعم احمد جبريل في جنوب لبنان ضمن مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة - ، ولكنهم رفضوا خور الجبهة وانحلال مقاتليها وقادتها وشربهم الخمر وانتشار العلاقات النسائية بينهم ، في حين انهم جاءوا للجهاد ضد اليهود فقرروا الهرب الى دمشق واللجوء الى سفارة موريتانيا -الاقرب اليهم-لتعيدهم الى بلادهم بدلا من سفارة ليبيا خوفا من عقاب القذافي وقد ساعدهم السفير ودادي على العودة من خلال مطار نواكشوط وكان على رأس هذه المائة اياد اج غالي -الذي حكى لي هذه القصة-واياد زعيم حركة انصار الدين التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي والتي تحكمت في مدينة العلم و لؤلؤة الصحراء "تمبكتو" عام 2012 ،وأعلنتها امارة اسلامية والآن يتزعم جماعة ما يسمى "نصرة الاسلام والمسلمين "الذي انضم اليه امادو كوفا بجماعته -جبهة تحرير ماسينا- والإرهابي العتيد مختار بلمختار " بلعور" وقد هربا -اياد وبلمختار- الي ليبيا بعد 2013 وقضيا في درنة زمنا ،تعرف فيها بلمختار عن طريق سفيان القومة زعيم القاعدة آنذاك على الارهابي المقبور هشام عشماوي، وهما -مختار وهشام -من خططا لعملية الواحات الارهابية و بلمختار يلقب ب بلعور لفقد عينه الشمال من شظية في افغانستان واسمه الحقيقي خالد بالعباس من ولاية البليدة الجزائرية وهو اخطر الارهابيين في الصحراء ، ويعرف في جنوب الصحراء ب..مستر مارلبورو لكونه من اوائل من قام بتهريب السجائر من مخيمات البوليساريو وتطور الامر الى تهريب المخدرات و كان شبه متحكم مع اياد وعمر ولد حماه في ازواد ،وقاد كتيبته "الموقعون بالدم " لتفجير موقع الغاز في الجنوب الجزائري الذي مات فيه اكثر من خمسين ارهابيا ورهينة وكانت هذه العملية اضافة الى تحرك اياد اج غالي بقواته باتجاه الجنوب المالي-باماكو- المبرر الذي اتخذته فرنسا للحرب على الجماعات الارهابية يناير 2013 وذلك مع شواهد اخري تؤكد عمالتهما وغيرهما من امراء الحروب والإرهابيين لأجهزة مخابرات متعددة اقليمية ودولية ،اما كونتا كينتي فهو ابن احد المرابطين -شيخ من الزوايا- في موريتانيا اسمه عمر الكنتي هاجر الى جامبيا القريبة في منتصف القرن الثامن عشر ، ضمن تحرك الزوايا-لنشر العلم والدين في غرب إفريقيا وولد له هناك فاسماه الكنتي وعندما بلغ اولي مراحل الشباب اختطف مع اخرين وسيقوا الى السفن كعبيد وتمرد مع بعضهم فوق السفينة ضد خاطفيهم وقتلوا بعض البحارة .....وبقية القصة سردها حفيده اليكس هيلي في روايته "الجذور".

أيمن السيسي: نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية

  شارك المقال: