هل نحمل نعش النقابة الى الدفن ام ننعشه كي تعود الروح اليه

دعوة للتأمل الى الصحافيين المهنيين ..
نود في البداية تهنئة النقيب الجديد والنقيب المنصرف فكلاهما خرج من ضلع النقابة المكسور وكلاهما خرج من نفس المكتب التنفيذي ، الذي تولى لوحدة تسيير العملية الانتخابية منذ ماقبل الترشح وحتى اعلان النتائج
لا نطعن البتة في انتخابات جرت شكلا في قمة الرقي الديمقراطي ، لكنها خبأت مفاجاة اخرى، لا يدركها الكثيرون .. تتعلق بصراع خفي في البداية علني في النهاية
مازال الأمل يحدونا في تغيير مرحلي يتسلق ارادة التغيير بهدوء ، وينتقل من مرحلة اليأس الى بناء الامل ، يحول "وهم "النقابة بمرور الوقت الى واقع حقيقي ، يتخلص مع بلوغه سن النضج من هفوات الطفولة ، ويكتسب مناعة مهنية ترقى به الى مصاف العمل النقابي السليم
نعم اردنا ذلك من خلال العمل على اسناد النقيب السابق قبل احالته الى التقاعد ، وتحضير نقابة قوية خالية من المؤثرات الخارجية وتعمل وفق اجندة سليمة لا تغير فيها امزجة السياسيين حكاما ولا محكومين ومازلنا نعمل من اجله
صحيح ان النقابة التى انفرط عقدها تماما مثل جدلية ... خرجت من الباب لتدخل من النافذة وذلك لمجموعة اسباب لعل اكثرها وضوحا استغلال الانتخابات من طرف لاعبين داخل الملعب واخرين خارجه
معظم الاصوات التى حصل عليها النقيب المنصرف كانت بفعل جهود تكنوقراطيين مستقليين انخرطوا في العملية بصدور سليمة ، اما معظم الاصوات التى حصل عليها النقيب الجديد فقد جاءت ردا على كراهية التمديد وانتقاما لمامورية اتسمت بعدم تسجيل أي منجز من جهة لكنها ايضا جاءت بفعل تصادم المصالح بين اجنحة سياسية في طرفي النقيض المولاة والمعارضة وداخلهما معا
لقد خشي طرف في السلطة من ان يشكل فوز المرشح "الأقرب" له الى احتساب ذلك الفوز رصيدا في جعبة خصوم له من نفس "الحاضنة الايديولوجية" في الطرف الاخر من المشهد السياسي .. ففضل خسارة" نقيب السلطة" في اخر اللحظات وقدمه ومن معه من الاحرار كباش فداء حتى لا يوضع الفوز في ميزان حسنات الخصوم ، خاصة وان ارتباكا اخر احدثته تصرفات ما اماطت اللثام عن موقف كان يفترض ان اصحابه يضمرونه ولا يظهرونه بالنسبة لطرفي النقيض ، فمثلت التصرفات دافعا لدى بعض المتنافسين لاغتنام الفرصة والانقضاض على ما تبقى من "كلمة السر" التى وجب تغييرها بشكل ادراماتيكي حفاظا على "قدسية العملية" و"طهارتها " و"براءة السلطة" من دم النقابة
وكانت هذه المعطيات كفيلة بقلب المعادلة مع هبوط كلمة سر جديدة مانحة النقيب الفائز تاشيرة عبور ونجاة بعد ان اغلقت ابواب الطائرة وحلقت في السماء
اما الصحافيون المهنيون المؤمنون بالمهنة فقد ذبحوا في غفلة منهم على مذابح السياسيين وذلك بالرغم من كونهم قدموا امثلة رائعة في الاداء والحضور والقبول في اوساط زملاء لهم ،
ينبغي ان نتعلم من هذه التجربة في المستقبل ان السياسي صديق النقابي في حدود المعتاد، شريك من "دون ربحات" في اطار العمل النقابي ، ولذا فان خيال العلاقة بينهما لا يجب عن يشط الى درجة بعيدة عن مستوى من الاتفاق على الاساسيات والمبادئ التى تمليها المواطنة والشعور بالانتماء الى بلد يساهم كل من الصحافي المهني والسياسي في تنويره وتنميته
يجب ان تكون نقابة الصحفيين بمناى عن التجاذبات السياسية ، تهتم بالمهنة والعاملين بها ، تسعى لتطوير ادائهم ومهاراتهم وتعلمهم الاخلاق والقيم والمبادئ الانسانية السامية وتدافع عن حقوقهم وترد الظلم عنهم
لا نريد ان تكون علاقة نقيب الصحفيين بالسياسي فاترة بحيث تكون الاواصر بينهم منبتة ولا علاقة حميمة الى درجة يمكن ان تؤثر في "التوازن الروحي" للنقيب ، فيطغى "لاشعوره" على وعيه حينها قد يخرج من عباءة ارسطو ويعتمر قلنسوة افلاطون ..
واعتقد ان هذه الامور تتطلب مشاورات وتاملات بين الصحفيين انفسهم ، وتنازلات لمصلحة النقابة او أي اطاراخر يجمع المشتغلين بهذه المهنة
لقد كنا نراهن على جسم وهن للنقابة ..لكننا اليوم نوشك ان ندعو للترحم عليها ... فلا نقابة صالحة امام صراعات ايديلوجية وسياسية ولا نقابة صالحة يسير انتخاباتها مكتب تنفيذي حاكم ... ولنفكر جميعا في الحل .. هل نحمل نعش النقابة الى الدفن ام ننعشه كي تعود الروح اليه من جديد ..؟

  شارك المقال: