السر .. الجزء الثاني

وفي عز الشتاء وبعد أن تعذر بيع البيت للفزع المتنامي من قصة سكنه بالجن، وقد عاد الطلاب في الموسم الدراسي الجديد دون أن ينزلو في البيت الذي مازالت قصته تعتمل وأصواته مسموعة كل ليلة وبقي البيت مواربا ،ولم يعود سعيدو حتى الآن رغم أن فترة قدومه قد تخطت وكان آخر من غادر من الطلاب صيف العام.
وبعد إحدى لليالي الشتوية الطويلة التي طبعا لم تمر دون صدور تلك الأصوات ،كنت رفقة والدي لأداء صلاة الفجر وهاهم جماعة المصلين محملقين ناحية البيت الذي يخرج منه كائن متجها نحو المسجد وليس طيفا يظهر ويختفي كما يتحدث البعض إقترب ذالك الكائن حتى تمثل للناظرين وسط الظلام بشرا سويا بثوب إفريقي ملون
نعم لقد عرفته إنه سعيدو تملصت من قبضة والدي وتلقفته وتلقفني بشتياق وبعد سلامنا بدأ الجمع يلقون التحية بعضهم دون مصافحة وآخرون يصافحون بأيدي مرتجفة وبعد الصلاة سأل الإمام سعيدو عن متى كان مقدمه وكيف دخل البيت المهجور والمسكون بكل بساطة أجاب سعيدو أن مقدمه كان خلال وقت متأخر من ليل البارحة وأن له نسخته من المفاتيح وأن الأصوات لم تخيفه
عاد سعيدو و ألححت على والداي أن يعيداني للدراسة عليه وفعلو على مضض، ولتحق بي بعض اترابي ممن كانو يتعلمون على يده لكن مكان التدريس هو المسجد بينما البيت إقامة سعيدو لكنني الوحيد معه الذي يدخل البيت ويخرجه وقت شاء فلم أالف يوما بيتا بقدره
وذاع صيت سعيدو في المدينة بأنه لاشك شخص مبارك ونسجت حوله القصص وأن الجن ماسكنت ذالك المنزل إلا منعا لبيعه ليظل سعيدو موجودا فيه وتستمر السنون على هذا النحو والبيت المخيف يتحول ليلا إلى مزار لأشخاص يأتون فرادى متسللين طلبا لرقية سعيدو الذي قاوم بداية حتى صار يأخذ مالانهاية الأمر مقابل ممارسة الرقية التي لا أعرف هل كانت رقية شرعية طوال الوقت .؟وبدأت اشب وأسأل معلمي بجرأة عن قصة تلك الأصوات التي ليس ثابت في روايتها سوى حقيقة وجودها وأن سكانا من الجن في البيت أمر لم يقنعني بل يعرف سعيدو أني الوحيد الذي لن يقنعه رواية الجن الساكنون في البيت.
في صيف عام جديد غادر الطلاب وتخلف سعيدو كعادته والذي بات الآن شيخا مستأجر للتدريس، تخلف ككل عام بغية تجديد طلاء البيت بالطين وروث البقر وذهب ككل مرة لسوق النوارة الأسبوعي وعرفت بحكم التجربة انه سيشرع في عملية التجليد فور العودة ولشعوري بأني في طور المسؤلية بعد اتمام عامي السادس عشر ارتأيت أن أساعد في شيء وفي يوم ذهاب سعيدو للسوق قمت بعملية تقشير ماتبقى من تجليد البيت من الصيف الماضي وهنا كان الإكتشاف.
عظام مجوفة ومحدث داخلها قعورا بشكل منتظم وموزعة في جوانب استقبال تيارات الرياح عرفت بحتمية الصلة بينها وتلك الأصوات لكن علي إنتظار تفسير من سعيدو. .يتبع

  شارك المقال: