محاولاوت أمزغة العرب الموريتانيين ...

كنا طلابا في قسم الرياضيات في المدرسة العليا للتعليم ، و لحاجة المدرسة لتدريسنا موضوعا خاصا من الرياضيات ، استقدمت أستاذا مغربيا يسمى محمد ودادس، و هو خبير في "التحليل" و له نظرية رياضية بالاشتراك مع تلميذه الوزير الموريتاني أحمد باهيه ، الوزير السابق .
ليس موضوعنا الرياضيات، و إنما شيء آخر ، فودادس هذا يدعو للقومية الأمازيغية ، فطلب منا أن نبحث له عن أحد الطلبة يتكلم اللغة الأمازيغية ، فعثرنا في قسم الفلسفة على طالب من ولاية اترارزة يتكلمها، و أخذلنا له موعد مع الأستاذ في الفندق .
في الصباح لم يكن أستاذنا مرتاحا، و لما سألت الطالب عن السبب ،قال إن الأستاذ تفاهم معه باللغة ، و الاختلاف كان كاختلاف اللهجات العربية لكن، يقول الطالب ، قلت له إن أي دعوة للأمازيغية في موريتانيا لن تجد آذانا صاغبة، فجميع الموريتانيين ، إما أشراف من أبناء سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أبناء أقرب الصحابة ، و لا احد يريد الانتساب إلى أحد كفار قريش على سبيل المثال ، و لا إلى عرب الجزيرة غير القرشيين، اللهم من ينتسب إلى الأنصار.
و من جهة ثانية أن الصنهاجيين هم يمنيون أقحاح ، و لا يقبلوا بالانتساب لغير حمير . انتهت قصة الطالب .
الواقع أن التاريخ الذي درسه الأوروبيون و قدموه للناس، قد أصابته نوبة عدم مصداقية ، مع الطفرة الإعلامية ، و إكتشاف ألاعبيب الغرب، و تزيفهم للكثير من القضايا ، كاكتشاف أمريكا من طرف اكرستوف كولومبيس ، و النزول على القمر ، و حرب النجوم ، و بطولات الجنود الامركيين في هوليود التي أرهبت العالم، و اكتشف جبنهم في افيتنام و العراق و أفغانستان ، و شعارات حقوق الإنسان و الإنسانية التي تكيل بمكيالين ، و مع ظهور الطفرة اللاخلاقية التي تجردهم من القيم كالمثلية، و موجة فساد الأخلاق التي نشرت بوقاحة على الإعلام ..
من منطلق عدم صدقية ما دونه الغرب عن التاريخ فإن كل الدعوات العرقية التي يدعون لها هي مجرد دعوة من أجل تفكيك الشعوب و إدخالها في صراعات حتى تنشغل عن التنمية .
ثم إن الانتماءات العرقية كلها تعود لرجل واحد و امرأة واحدة ، لما التفاوت إذن، فالمجتمعات ذات الحضارة الموحدة و الدين الموحد تعبير كتلة موحدة ، مهما كان اللون .
الإسلام عندما انتشر لم تكن هناك حساسية من العرب و العربية ، و أقبل الناس على اللغة و تعربوا، فأصبحوا عربا بالثقافة و اللغة ، و ذلك لحبهم لدينهم، و لم يتنمر العرب بانتمائهم العرقي ، و ليست اللغة العربية لغة العرب دون غيرهم من المسلمين، لأنها لغة القرءان و هو دين الناس كافة ، الرسول صلى الله عليه وسلم عربي ، رغم أن أباه إبراهيم لم يكن عربيا ..
إن أي دعوة لأمزغة موريتانيا لن تجد آذانا صاغية ، فلا اهتمام بذلك ، و إن أي دعوة لأزنجة لحراطين لن يكون لها تأثير ، و إن أي محاولة لجعل زنوج موريتانيا في صراع من بقية إخوتهم في الوطن لن يكون إلا طنينا لا يهتم له الناس ، و الأفراد المنجرون مع هذه المواقف المتطرفة ، إما مستثمرون يخلقون "اترندات" يركبون موجتها من أجل مصالحهم الشخصبة ، أو أصحاب أجندات خارجية يدفع لهم من أجل هيانة وطنهم
..
موريتانيا بلد موحد بثقافته و أخلاقه و قيمه و دينه و تاريخ المشترك من التأخي و التلاحم و التعايش ، و ما هو بحاجة إليه هو الانخراط الفعلي في عملية التنمية ، فهو بلد غني ، و لا يريد الآخرون أن يستغل موارده و يعيش شعبه في رفاهية ، لذلك يسعون لتفكيكه و شغله في الصراعات الداخلية .
عرقتنا و ماضينا المشترك و ديننا تجعلنا ركاب سفينة واحدة ، ربانها ينبغي أن يكون أقدرنا على قيادتها، أما الحديث عن العرق و اللغة و الهوية و الخصوصيات الثقافية ، فهي اختصاص الباحثين في مجال الثقافة و الفن و الأدب ..
موريتانيا تجمعنا ..