ثورة الضباط الأحرار.. الفكر الناصري وتحديات المرحلة

قبل البدء لا بد من توضيح محددات الفكر الناصري التي علي أساسها يمكن إسقاطه علي تحديات المرحلك
محددات فكرية.
– نظرية التجربة والتعديل
– التأصيل الإسلامي بالإتساق في الحكامة مع النصوص وتحقيق العدل وخدمة الدين
– لم يكن أبدا الفكر الناصري فكرا علمانيا بالمفهوم المسيحي ولا بالمفهوم الليبرالي
المباديء:
الحرية: كانت حرية أوطان من استعمار موجود علي الأرض وحرية أفراد من إقطاع مستعبد للخلق وبلاد منهوبة وقوت فقراء مسلوب
الحرية اليوم: هي من كل ما سبق بالإضافة لتجليات القهر الجديدة.
* التحرر من الإستعمار الثقافي : اللغة
الأجنبية هي الأفضل هي لغة العلم والحضارة .. مما يزهدنا في لغتنا باعتبارها لغة غير قادرة علي خلق أطر التقدم وصناعة العلم والتقانة
* التحرر من الإستعمار التقني حيث الإحتكار للتقانة وربط نقلها بالمواقف السياسية وحتي السياسات المحلية التابعة للإمبريالية بأنواعها الكبيرة المسيطرة والمتوسطة الوسيطة.
* التحرر من مفهوم ( العولمة) في منحاه القيمي والسلوكي والحضاري: توحيد الأكل ( الوجبات السريعة) توحيد الكلام ( لغة إنجليزية ركيكة غالبا) توحيد النظرة للحياة والمآل( الفردانية المطلقة) والعلمانية المفتوحة)
هذا علي مستوي العالم. في مداه المتسع ، أما علي مستوي الأمة فإن من أهم ما يستلهم من هذا المبدأ هو العمل علي التحرر من مفاهيم ( التكفير) والغلو و( العنصرية) والإقصاء.
العدالة الإجتماعية: يبقي ربط الحرية السياسية للفرد والمجتمع مع الحرية الإجتماعية التي هي العدالة في توزيع الثروة مفهوما عابرا للزمان ذلك أنه مبدء إسلامي مؤصل في النص المحكم تحت مفهوم ( العدل) فلا حرية للقرار الفردي ولالقرار لمجتمع لا يملك قوته بل ولا ينتج قوته ، كل التجارب تؤكد ذلك ……. ومصيدة الجوع في غزة أكبر دليل وأوضح برهان.
إن مفهوم العدالة الإجتماعية. لم يعد اليوم مقتصرا علي توزيع الثروة بالقسط بحيث ينال المحرومون والمهمشون نصيبهم الذي حرمهم منه الفاسدون والمحتكرون والبرجوازيون المرتبطون بالخارج والإقطاعيون ملاك الأراضي.
وذلك بإعادة توزيع الثروة غير المكتسبة بشكل شرعي لينال الفقراء نصيبهم منها وليس أيضا بتحقيق تعليم جمهوري مجاني وخدمات صحية مجانية، بل أصبح من تحديات اليوم تحقيق العدالة الإجتماعية الثقافية بقبول ثقافة الأقلياة ضمن المكون العربي ورعاية الثقافة .
إن تجارب الدول الأكثر ليبرالية في العالم أوضحت أن الإتكال المطلق علي ليبرالية السوق والتنافسبة دون تدخل للقطاع العام واعتماد مبدأ الربح كمحرك وحيد للخواص قد يخلق ثروات ومشاريع فردية ولكنه في الغالب الأعم لن يكون المحرك الرئيسي لتقدم البلاد ، فضلا عن آثاره الكارثية علي المهمشين والفقراء
لذلك ظهرت في دول مثل الدول الإسكندنافية مشاريع فكرية تسمي الليبرالية الإشتراكية والإشتراكية الإجتماعية وغيرها وكلها تهدف إلي خلق آليات تمكن الدولة من التدخل للمحافظة علي توازن الإقتصاد وتخفيف آثار الإقصاء والتهميش والهشاشة لدي المواطنين.
الوحدة العربية:
ربطت الوحدة العربية في المفهوم الناصري. ربطا وثيقا بتحرر الأقطار العربية من الإستعمار وتجاوزت في فكر جمال عبد الناصر وممارسته مفهوم الحرية القطرية فقط ، ذلك أن هذه الحرية القطرية تبقي مهددة بالأحلاف الإمبريالية التي تستخدم دولا من الأمة العربية لزعزعة الأمن وتفتيت دول عربية أخري ، بذلك كلف ( حلف بغداد) قديما وبنفس النهج يعمل حلف ( واشنطن-مصر-الخليج-بعض دول المغرب) اليوم لسلب الفلسطينيين وطنهم وتهجيرهم وتحويعهم وإبادتهم…
لذلك تبقي الوحدة العربية بهذا المفهوم ليست فقط ضمانا لحرية الأقطار أنظمة وشعوبا ولكن أيضا وسيلة مثلي للتقدم والتكامل والقوة…
أماللسبيل لتحقيقها فكان دوما بالحوار والتلاقي والتفاهم رغم نكسات الإنفصال والتشرذم.
ذلك كان فكر جمال من قبل ومن بعد.
………………
ستبقي ثورة 23 يوليو وبعد مرور 72 سنة علي ذكري يومها المجيد تجربة حكامة أصيلة وبداية لفكر تقدمي حداثي قوامه رسالة الإسلام المستنير وغايته الحكم بالعدل والنهوض بالبلد والأمة واستعادة دورها العظيم في تاريخ الإنسانية.
حضارة علم وإعمار للأرض وتسامح:
ولأن التجارب الكبيرة تحارب من أعداء الأمة التي يريدونها كما هي في يومنا هذا متفرقة مستكينة خاضعة متخلفة، فقد كانت محاربة تجربة الثورة والناصرية لاهوادة فيها مكثفة ومتعددة الأطراف من الخارج غزوا وتدميرا ومن الداخل تآمرا وتخابرا وتشكيكا ومحاولات اغتيال.
في مواجهة هذه الحرب حدثت تجاوزات في ردات الأفعال في بعض الأحيان كانت كبيرة بقدر تلك الحرب.
نعم حدثت أخطاء في التجربة، وذلك من صميم محددات هذا الفكر الثوري الساعي دوما لتحويل الخطأ لمؤشر للإصلاح، والفشل والهزيمة حافزا للنجاح والنصر.
في خضم ذلك عاش الثوار وفي سبيل تحقيق دولة الكفاية والعدل عاش جمال وفي مسعاه لقيامتها مات.
# ذكري تستحق التخليد
لأن رمزها مازال يعيش بعد وفاته بخمسين سنة في عقول وقلوب كثير من العرب والمسلمين وأحرار العالم.

د. أحمد باب – الأمين العام لحزب الحركة الشعبية التقدمية.