ترفل مدينة النعمة في أبهى حللها وتصدح بأعلى صوتها ترحيبا بفخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني؛ وبحكومته وبرئاسة الحزب الحاكم وبالوفود المرافقة.
وهنا القوافي رحبت بقدومه * والشعر أطرق وانحنى وترجلا.
ومدينة النعمه تشكل مع كمبي صالح وولاته ثالوثا من المدن التاريخية في الجنوب الشرقي من موريتانيا؛ ذلك أنها كانت شاهدة على حقب تاريخية من ماضينا المجيد أيام مملكة غانه والسونغاي وأيام تأسيسها الفعلي على يد الشرفاء أبناء مولاي صالح سنة: 1808م.
تمتد ولاية الحوض الشرقي على مساحة تقارب 183000كلم2 ويقطنها ما يناهز نصف المليون نسمة، وتنعم بثروة حيوانية متنوعة، وبإنتاج معتبر من الحبوب والتمور، وبموقع جغرافي جعلها مركزا تجاريا ومعبرا حدوديا واستثناء أمنيا خاصة بالنسبة لمقاطعات عدل بكرو وباسكن وانبيكت لحواش.
ولا يفوت أحدا أن مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي تعيش أسعد لحظاتها وقد اختيرت هذه الأيام لتكون ساحة لقاء مثمر يجمع الدولة الموريتانية قمة وقاعدة.
إن ولاية الحوض الشرقي التي استبشرت خيرا بالزيارة التي قام بها الدكتور مولاي ولد محمد الأقظف منذ فترة والتي كانت ناجحة بكل المعاني لتطمح اليوم إلى نصيب من التنمية يتناسب مع كثافتها السكانية وإسهاماتها التنموية؛ ولن يتأتى لها ذلك ما لم يصدر قرار رئاسي يكمل النواقص ويصلح الخلل ويشمل التعليم والصحة والتنمية والأمن والسياسة وغيرها.
يحتاج التعليم في الولاية عموما وفى بعض مقاطعاتها خصوصا إلى تمييز إيجابي يستهدف زيادة الأقسام الدراسية وزيادة المدرسين وتكوينهم؛ ويتطلب توسيع رقعة مدارس الامتياز، كما يتطلب اكتتابا محليا نوعيا يجسد أهداف المدرسة الجمهورية.
وتحتاج الصحة إلى دعم النقاط والمراكز الصحية بالأدوية الأساسية، وتأهيل مستشفى الولاية بمختلف أجهزة الفحص، فضلا عن تأطير العدد الكافي من الممرضين والفنيين والأطباء.
وتحتاج تنمية الولاية إلى دعم رواد الأعمال خاصة بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة كما تحتاج إلى استغلال ثرواتها الحيوانية وإمكانياتها الزراعية بشكل أفضل؛ وتحتاج كذلك زيادة في ميزانية البلديات الريفية – خاصة تلك التى تقع على الحدود المالية مثل بلديتي فصالة والمكفة- وكذلك توفير خدمات الماء والكهرباء والاتصالات لا سيما في المناطق الحدودية؛ كما تحتاج الولاية إلى ديناميكية فعالة تحمي الغطاء النباتي في المناطق الرعوية من الحرائق؛ هذا فضلا عن تحسين البنى التحتية للولاية في كل المقاطعات وتخطيط المدن ... وخصوصا منها مقاطعة انبيكت لحواش التي لا يربطها طريق إسفلت بباسكنو ولا بولاته ولا تحظى بقدر مناسب من التنمية والاستثمار ومثلها مقاطعة عدل بكرو الحديثة؛ وكذلك تحتاج الولاية إلى تأهيل مطار النعمه الدولي ليستقبل رحلات دولية وأخرى محلية أكثر من مرة في الأسبوع.
إن الآبار الارتوازية والحنفيات الريفية في كل مقاطعات ومراكز وبلديات الولاية هي أكثر ما يصيب الأمن المجتمعي بالخلل، لذلك تحتاج إلى إشراف مباشر من الدولة عليها كي لا تكون هذه الآبار مثارا للمشاكل والفتن ووسيلة يستغلها البعض ضد البعض ؛ كما يتطلب الأمن الوطني حماية صارمة لحدودنا مع دولة مالي عن طريق المراقبة الجوية والدوريات المشتركة حمايةً للمواطن والممتلكات سيما في مقاطعة باسكنو التى تحتاج دعما استثنائيا فى كل المجالات ، نظرا لموقعها الحدودي ونظرا للعبء الذي تتحمله من استضافة اللاجئين الماليين.
وفي مجال السياسة ومع أننا نثمن الأدوار الريادية التي يقوم بها أطر الولاية عموما، وخصوصا منها ما قام به الدكتور ملاي بن محمد الأغظف خلال زيارته الأخيرة للمنطقة حين أوفده النظام للوقوف على أحوال مواطني الولاية.
ونظرا إلى أننا في عهد الإصلاح السياسي والإداري الذى عبّر عنه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاباته المتعددة في أكثر من مناسبة لذلك يجب أن يحظى هذا الإصلاح باهتمام زائد من طرف قادة الرأي والنخب المحلية في الولاية لجعله مطلبا محليا يحظى بالاهتمام والأولوية لدى الرأي العام.
ولكننا نلاحظ خللا في توازن المناصب والتعيينات، ذلك الخلل الذي حرم أشخاصا مهيأة وأطرافا عديدة من لعب أدوار ريادية ظلت متداولة بين أطراف ومجموعات من طبقة واحدة ؛ وحرم فئة الشباب من إبراز طاقاتها ولعب أدوارها. وهنا تجدر الإشارة إلى الحاجة الملحة من أجل توجيه النخب المحلية بضرورة العمل على تكريس الإصلاح السياسي الذى ورد في خطابات السيد رئيس الجمهورية في مناسبات مختلفة ولن يتأتى ذلك إلا بانفتاح النخب المحلية الحاكمة بشكل أكثر إنصافا على المجتمع عموما وعلى فئات الأطر وأطر الشباب خصوصا واعتماد أسلوب المنافسة الشريفة فى العمل السياسي بدلا من الخصومات والصراعات التى تعيق الإصلاح وتضربالمجتمع ، وهو ما قد يضمن تبني مبدإ الإنصاف و التناوب على المناصب القيادية والانتخابية.
إن الثقة التي يمنحها فخامة الرئيس والقرب منه يفترض أن سببهما هو الولاء للنظام والتفاني في العمل وخدمة الوطن والمجتمع، وهو ما يعني العمل على تحقيق أهداف وتطلعات النظام الإصلاحية لذلك يجب أن تكون هذه الثقة عامل تشجيع على العمل والإنجاز من أجل الإصلاح وخدمة الدولة والمجتمع، ودافعة للاستعداد أكثرمن أجل تنفيذ مشروع فخامة السيد رئيس الجمهورية الإصلاحي، بعيدا عن أساليب التهميش والإقصاء والصراعات الداخلية. وبعيدا كذلك عن تكريس الأمراض الاجتماعية كالقبلية والجهوية والزبونية ومحاربة التطلعات المشروعة للأطر والشباب والتقليل من شأنهم، لأن هذه الأساليب تجهض مهمة الإصلاح وتقدم الأمة وتنميتها.
وعلى العموم؛ فإن ولاية الحوض الشرقي ذات الولاء المتأصل للحزب الحاكم؛ تستشعر من هذه الزيارة الميمونة اعتناء القيادة الوطنية بالمواطن والاقتراب منه بغية الاستماع المباشر إليه؛ وترجو الولاية من الله العلي القدير أن تتكلل الزيارة بنجاح منقطع النظير يستفيد منه المواطن والوطن.
وفي الختام، نجدد الترحيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.