جنائية النعمة: الوزارة أهانت القضاء وأعادت الثقة فى القبائل

استغرب قضاة المحكمة الجنائية بالنعمة عاصمة الحوض الشرقي تقديم المفتشية ورقة انتهكت فيها كل معايير الشكل، حيث لا تحمل رأسية، ولا بسملة، ولا بيانا لمهمة التفتيش، ولا أسبابها تبدأ باختصار مخل،وكتبت باليد على عجل، ويتعدد في صلبها المحو والكشط وغير مؤرخة، ولا تحمل طابعا رسميا.

وأضافت القضاة فى رسالة إلى المفتش فضيلة القاضي محمد سيديا ولد محمد محمود أنه من دواعي الحيرة أن يصل القضاء مرحلة من التقهقر أصبح معها لا يستحق أدنى درجة من احترام الشكليات، ولا لغة الخطاب الراقي ممن يفترض فيه التقدير للقضاء والقضاة.

واستطرد القضاة فى رسالة رد على تفتيش وزارة العدل بعد حكم الجنائية فى قضية نالت مستوي كبيرا من الاهتمام فى المدينة أنه من المستغرب أن المفتش عند سؤاله شفهيا من طرف أعضاء التشكلة عن أساس مهنة التفتيش للتحقق من جدية القضية أدلى بإذن موقع من الأمين العام لوزارة العدل محرر باللغة الفرنسية بمهمة خاصة إلى النعمة دون تحديد أسبابها وغاياتها.

وقال قضاة المحكمة الجنائية إن القضاة لا يمكن أن يطال التفتيش أصل قراراتهم، ولا أساس قناعتهم، ولا يمكن مناقشتهم في ذلك، وهو عين الاستقلالية المحمية بالدستور والقوانين، وأنه كان على المفتشية قبل أن تتعقب أحكام المحكمة أن تراجع المرسوم المنظم لعملها، حيث تنص المادة: 10 من المرسوم: 034 – 2006 في فقرتها الأخيرة، أنه عندما تكون الاستفسارات مطلوبة، فإن الأسئلة الموجهة إليه لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون حول أصل القرارات أو الأحكام المتخذة.

وأكد القضاة فى رسالتهم أنه المادة: 90 صريحة أنه "لا يخضع القاضي إلا للقانون، وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه"، ولم يترك يد المفتش تجول لتأخذ من اختصاصات المحاكم الأعلى لتشوش على قناعة القضاة وتمعن في تجاوز السلطة

وأكد القضاة أن صدورهم رحبة لأي استفهام أو استشكال يتعلق بعملنا القضائي قائلين إننا لا نرى غضاضة في انتقاد أحكامنا أو نقاشها من أي كان، بل نرى أن ذلك هو الطريق الأسلم نحو الحقيقة المنشودة أو الإفادة المتوخاة للمتهمين، لكنه نظرا لطبيعة الأسئلة والسياق الذي وردت فيه سيكون ردنا على الأسئلة من وجهين:

كما تطرقت رسالة المحكمة الجنائية إلى مضمون رسالة المفتش وأسئلته حيث قالت المحكمة إنه وبعد قراءة الأسئلة أعلاه، تبين أنها تتعلق في مجملها بأصل الأحكام، وتتدخل في قناعة المحكمة، وسر المداولات، حيث تم توجيهها لكل عضو بمفرده، ومفاد ذلك أن المفتش يريد من ورائها أن يصل لقناعة كل عضو على حدة، ومن ثم تنهدم القناعة الجمعوية التي تعتبر سند الحكم، وعليه فإننا نمتنع عن الجواب عليها بالصيغة الاستفزازية التي قدمت بها، ونحيله للأحكام والملفات.

وختمت المحمة ردها بالقول إن الأسئلة التي تقدم بها المفتش تجسد انتهاكا للدستور والقوانين، وخروجا صارخا عن مهام المفتشية المحددة بالمادة: 05 من المرسوم المنظم لعمل المفتشية، حيث تقتصر المهام على سير المرفق عموما، ومردودية وسلوكيات القاضي، والعاملين في قطاع العدل. وأن إجراء التفتيش شكل في شكله، وسياقه، قلبا للمعادلة، بمنح الثقة في القبائل والجماعات، وإعادة تحكم وهيمنة مفهوم العدالة الخاصة، واتباع مرضاة الأطراف بازدراء القضاة وخرق القوانين، والقضاء على دولة القانون وأن هذا الإجراء، وما سبقه من إجراءات يشكل إساءة خالدة في سجل ذكريات إهانة القضاة، وسيخلف بالفعل جرحا لا يندمل، وخدشا لهيبة القضاء والقضاة، وجرحا سيبقى أثره، ويمتد نزيفه ما لم يتدارك الموقف، وترجع الأمور إلى نصابها.

وقال القضاة إن الأحكام موضوع أسئلة المفتش أصدروها بقناعة راسخة، استنادا على الأدلة المتساندة، ونتحمل ما يترتب على ذلك، وحسبنا أننا بذلنا جهدنا دون تمييز بين القضيتين وباقي القضايا التي كانت مبرمجة في الدورة، من سرقات، وجرائم أخرى، من حيث الأدلة وتشكل القناعة.

وقد تم توقيع الرسالة من طرف القضاة

 التاه ولد سيد محمد.

 محمد محمود ولد أحمد.

 أحمد بزيد ولد محمد الناجي.
نقلا عن السراج