
شكل قرار إحالة كل المشمولين في تقارير محكمة الحسابات إلى القضاء منعطفًا حاسمًا في معالجة ظاهرة طالما ظلت تنخر أوصال ومفاصل الدولة منذ عهد تأسيسها. وقد تلقى الموريتانيون هذا الحدث بكل ارتياح وتثمين، فتصدرت عبارات الترحيب والشكر صفحات السوشيال ميديا معبرة عن انطباعات المواطنين ورغبتهم في تحقيق العدالة ومعاقبة المجترئين على المال العام ، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ويهدرون أموال الدولة والشعب
لقد جسدت هذه الخطوة القوية التى عشناها اليوم الإرادة السياسية الحاسمة في التصدي للفساد. ففي الوقت الذي ظن فيه البعض أن حصون الوهم التي بناها أباطرة أكلة المال العام يمكن أن تحميهم من المساءلة، جاءت هذه القرارات لتُثبت العكس، مؤكدًة أن أموال اليتامى والأرامل لن تذهب سدى.
لقد قيض الله لهذه القضية من يقومها وينتشل أموال الدولة من الهدر والتبديد، ويعيدها إلى رحاب الشفافية والمكاشفة.
ويعيد للدولة مكانتها في العقول والقلوب ليتوحد الجميع الجميع بكل صدق وعزيمة على هذا القرار الذي عزز الثقة في عمل الحكومة وأعاد البوصلة إلى اتجاه العمل والبناء، معلنًا قطيعة لا رجعة فيها مع آفة الغلول التي محقت البركة وسادت بسببها الزبونة والمحسوبية.
مسؤوليتنا اليوم، ككتاب ونخب ومواطنين، هي أن نشد على أيدي صانع القرار ونبارك له في هذا النهج المبارك.ونشيد بهذه الإرادة السياسية الحازمة التى تشكل خطوة جادة نحو الإصلاح
اليوم، فعلها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بكل حزم وصرامة، وتجلت بذلك الإرادة السياسية المبنية على مبدأ المساءلة والمكاشفة. كما ان هذا القرار يحمل صرخة مدوية في وجه المشككين في جدية المعالجة، ويعزز من عزيمة الإصلاحيين الذين يؤمنون بضرورة القضاء على الفساد وتحقيق العدالة.
التحدي الأكبر: وعي المجتمع ومساندة القرار
لا يخفي في هذا المضمار حجم المسؤولية التي تقع على عاتق المجتمع ودرجة وعيه في ضرورة رفض سلوكيات الفساد، ومواجهة ثقافة “ال أتول شي ظاك”.
إن النجاح في محاربة الفساد لا يقتصر على القرارات السياسية فقط، بل يتطلب أيضًا ثقافة مجتمعية قادرة على تقبل هذه الإصلاحات والمساهمة في إنجاحها.
ولعل ابرز تحد في هذا المضمار يكمن في
التصدي للمافيا الفسادة التى تهيمن على بعض القطاعات.
هذه المافيا المغلقة تتناغم مع ثقافة التبذير والإسراف، مما يعيق جهود الإصلاح والبناء. ومن هنا تأتي أهمية وضع المعايير وتنفيذ الإجراءات الحاسمة في مواجهة هذه القوى التي تضر بالوطن.
في هذا السياق، تعد إشاعة الرقابة الذاتية المستندة إلى الوازع الديني أو الوطني وتنمية قيم الجمهورية من أهم الحلول. ولا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال وضع معايير صارمة في التعيينات وتقلد المناصب. فالمنصب يجب أن يكون تكليفًا وليس تشريفًا، يُمنح بناءً على ثلاث ركائز أساسية: الثقة، الكفاءة، والنزاهة.
ختامًا: اشكرا رئيس الجمهورية
اليوم، تمت إعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح ليعيش الجميع مشاعر وطنية صادقة، تتزاحم فيها الآمال والأحلام بغدٍ مشرق لبلدنا. وما ذلك بعزيز مع تحقيق إرادة سياسية قادرة على المساءلة والمكاشفة. فشكرًا لرئيس الجمهورية على مواجهة هذا الغول الذي يهدد بيضة الدولة ويشكل عائقًا رئيسيًا أمام تقدمها وتطورها.