خواطر بمناسبة زيارة معالي وزير خارجية روسيا

يمكن التطرق الى افاق التعاون بين موريتانيا و الاتحاد الروسي انطلاقا من الفرص التي يتميز بها بلدنا من جهة و من جهة اخرى اعتبارا للمقدرات التي تتمتع بها روسيا الاتحادية في كافة المجالات.

للحديث عن الجوانب المتعددة التي يمكن من خلالها بناء شراكات مثمرة بين موريتانيا و روسيا الاتحادية يجدر بنا التطرق الى حالة بعض القطاعات في موريتانيا و مدى الحاجة و الجدوائية في تطويرها و استغلالها. نذكر من تلك المجالات على سبيل المثال لا الحصر:

المعادن:

من المعلوم ان موريتانيا تملك اكبر شركة في افريقيا لاستخراج الحديد من مناجم غنية جدا بهذه المادة.

و لكن و منذو انشاء هذه الشركة التي اسست تزامنا مع نشاة الدولة لم تضف هذه الموسسة العملاقة اية قيمة اضافية للخامات الهائلة التي تصدر بشكلها الخام. الشيء الذي لا يخدم اقتصاد بلدنا و غير مقبول بالنظر الى ما وصلت اليه التقنيات في مجال استخراج و معالجة و تصفية الحديد. تلك التقنيات التي تمتلك روسيا الفدرالية احدثها و انجعها ( توفر تقنيات على سبيل المثال يمكنها تصفية الخامات اضافة الى حل مشكلة النفايات المنزلية بجميع اشكالها و امكانية توليد الطاقة للتشغيل الذاتي و لتوفير فائض من الطاقة و غير ذاك الكثير).

و في مجال استخراج المعادن النفيسة تملك روسيا تقنيات متطورة لاستخراجها بطرق صديقة للبيئة كما يمكنها معالجة نفايات التعدين السامة و استخراج ما تبقى فيها من معادن نفيسة.

اما في ما يخص البحث الجيولوجي فلا يزال بلدنا يحتاج الى الكثير من البحث لتغطية كافة التراب الوطني لمعرفة الخارطة الجيولوجية الدقيقة للبلد. و في هذا المجال ايضا تمتلك روسيا مقدرات تقنية رائدة بدءا من الكشف عن بعد عن طريق الاقمار الاصطناعية الى انظمة المسح العميق و المتميز بدقة معطياته و امكانياته في فرز العناصر الموجودة في باطن الارض.

الصحة:

ليس سرا ان كل من يملك من الموريتانيين مصاريف العلاج في الخارج يتعالجون حصريا هناك! الشيء الذي يشي بضعف المنظومة الصحية في البلاد و ما تتطلبه من تطوير و تحديث و رفع الكفاءة و الجاهزية.

يتعلق النقص ايضا بالادوية حيث انه لا يعقل ان بلدا اليوم في القرن الواحد و العشرين لا ينتج حتى اقراص باراستامول ناهيك عن صناعة الادوية و المستلزمات الطبية الاخرى المتعددة.

ان ما تملكه روسيا من تقنيات و مقدرات تمكنها دون ادنى شك من استحداث شراكات مثمرة بينها و بلدنا كبناء و تسيير مستشفيات كبرى و انشاء صناعات صيدلية لتوفير الادوية الجيدة و باسعار مناسبة.

الزراعة:

رغم قلة السكان و رغم المقدرات المتعددة في مجال الزراعة لا يزال بلدنا بعيدا من الاكتفاء الذاتي في جميع المواد الغذائية. حيث ان لدينا نهرا يمتد على مسافات شاسعة و اراضي خصبة و سد يخزن كميات هائلة من المياه اضافة الى المياه الجوفية المتوفرة بوفرة هي الاخرى في البلد.

في الطرف الاخر تعتبر روسيا احدى الدول الرائدة في مجال الزراعة حيث تصدر كميات هائلة من الحبوب و الاسمدة الى جميع انحاء العالم. يمكن لبلدنا الاستفادة من تجارب روسيا في هذا المجال عن طريق شراكة تدر بالنفع على الجانبين.

و في مجال التنمية الحيوانية، تملك موريتانيا اعدادا كبيرة من رووس الحيوانات و لكن ذلك لا ينعكس ايجابا على الاقتصاد الوطني على الاقل لا تلاحظ مساهمته بالحجم الذي يمكنه ان يصل اليه. و ما عدم تمكننا من الاكتفاء الذاتي في الالبان الا دليل ساطع على ذلك.

يمكن لشراكة مع روسيا ان تغير من هذه الحالة لادخال تقنيات الزراعة المندمجة لتنمية الحيوانات و زراعة الاعلاف و انتاج اللحوم و الالبان الصحية لبلوغ الاكتفاء الذاتي بل و تصدير الفائض.

التعليم :

لقد ازدهرت علاقات موريتانيا و روسيا في مجال التعليم في حقبة الاتحاد السوفياتي حيث كونت روسيا مجانا الاف الخبراء في شتى المجالات حيث ان اول خريج موريتاني من الاتحاد السوفياتي المرحوم اكويتا فودي كان اول مدير عام لصوكوجيم و ثاني خريج بابا ولد سيدي عبد الله مدير مساعد لشركة اسنيم 1974 بعد تأميمها.

بمعنى ان روسيا كانت دايما عونا لنا لتكوين كوادر بلدنا في شتى المجالات.

لا شك ان حالة التعليم في موريتانيا بجميع مراحله من الاساسي و حتى الجامعي تعاني من ضعف شديد مما يستدعي السعي لاقامة شراكات مع الجميع و خاصة روسيا لتغيير المشهد و الرفع من مستوى التعليم. علما ان روسيا دولة رائدة في التعليم عن بعد و هو المجال الذي قد يشكل حلا غير مكلف لا يستهان به للرفع من مستوى تعليمنا في الوقت الراهن اضافة الى تعزيز التعاون في البحث العلمي و تبادل الخبرات في هذا المجال.

التصنيع :

لا شك ان بلدنا لا يزال يخطو خطواته الاولى نحو التصنيع و يحتاج الى دعم من الدول المصنعة الكبرى مثل روسيا و ذلك في جميع مجالات الصناعة بدءا من الصناعات الخفيفة الى صناعات الصلب و غيره.

فلا توجد مثلا لدينا صناعات معتبرة في المجال الغذائي و لا في مجال تصفية الحديد و لا في تصنيع السيارات و لا المولدات الكهربائية و لا ماكنات الزراعة و لا الاجهزة المنزلية الخ.

هذا علما ان لدى روسيا من كل ذلك الخير الكثير و لديها تقنيات رائدة يمكنها مثلا تحويل رمالنا الى انابيب صديقة للبيئة و غاية في الصلابة و الديمومة، و غير ذلك الكثير الكثير.

الطاقة:

من المعلوم ان تغطية الطاقة الكهربائية في بلدنا لاتزال بعيدة عن ما ينبغي ان تكون عليه. و في هذا المجال

يذكر ان روسيا تحتل مركزا متميزا بين دول العالم المتقدمة لذا فان شراكة معها في هذا المجال سيكون لها الاثر الايجابي على بلدنا في مجال الطاقة.

في ما يتعلق بتقنيات الطاقة النووية فان لدى روسيا تقنيات رائدة في هذا المجال يمكننا الاستفادة منها مثلا في تحلية مياه المحيط و في الطب و في حفظ المنتجات الزراعية فضلا عن العديد من الاستخدامات الاخرى الهامة.

النقل:

تمتد موريتانيا على مساحات شاسعة تحتاج الى الكثير من الاستثمار في البنى التحتية للنقل لتطوير الاقتصاد و تحسين سلاسل الامداد،

فلا توجد في بلدنا الا سكة حديدية واحدة مخصصة لنقل خامات الحديد، رغم الحاجة الى بناء سكك اخرى لنقل معادن من مناطق مختلفة و بضائع داخل البلد و خارجه.

و في هذا المجال يمكن لروسيا لعب دور حاسم لانجاز تلك المشاريع. هذا اضافة الى الصناعات الروسية المتعددة في مجال السيارات و البواخر و الموانئ.

تقنية المعلومات:

لا تزال دولتنا موريتانيا في بدايات مشوارها في مجال الرقمنة و الاتمتة خلافا لما وصلت اليه روسيا من تقدم رائد في هذا المجال. اذ لا يخلو مجال الا و بلغت فيه روسيا درجات عالية من التقدم و الامتياز بحيث انها مثلا في مجال التعليم عن بعد اعتمدت مدارس رقمية يشارك منتسبوها في الامتحانات النهائية الرسمية جنبا الى جنب مع طلاب المدارس التقليدية. كما انها حققت رقمنة و اتمتة العمليات المالية و سجل السكان و ربط كافة الانظمة بعضها ببعض.

كما ان الخبرات الروسية في مجال الامن السيبراني تحتل الريادة على الصعيد الدولي.

لذا فان شراكة في هذا المجال لا محالة سيكون لها الاثر الايجابي الكبير على معالجة و ادارة المعلومات في بلدنا و سيكون له انعكاسات مفيدة جدا على كافة الاصعدة بدء بالتعليم و انتهاء بامن المعلومات.

يبقى ان يوفق الله قادتنا لاقناع الروس باهمية بلدنا الاقتصادية.

  شارك المقال: