مريم طفلة موريتانية في السابعة لها قصة أغرب من الخيال

مريم طفلة ولدت في إحدى الولايات الشرقية من الوطن , لم تنعم برؤية أبيها لأنه توفي وتركها في سن الثانية من العمر.

عاشت مريم في حضن امها خديجة , لم تفارقها لحظة , كانت تخاف عليها من كل شيء , وتعتبرها الذكرى الوحيدة التي بقيت لها من زوجها التي كانت تحبه بجنون , كانت تعتبره زوجا محبا وأخا مخلصا وصديقا مقربا.

لم تعرف رجلا قبله ولا تريد أن تعرف رجلا بعده , كان في نظرها رمز الرجولة والشهامة , ولا يمكن ان تتصور نفسها تعيش مع غيره من الرجال.

لقد نذرت نفسها لابنتها , ولتربيتها التربية النافعة الصالحة , حتى اذا بلغت مبلغ النساء زوجتها من مَن يستحقها وتفرغت هي لتربية أبنائها , هذا كلما كانت تحلم به وتخطط له , لكنها تريد , والله يريد , ولا يكون الا ما يريد الله.

لما بلغت أم مريم الخامسة والعشرين من عمرها كانت ابنتها مريم قد تجاوزت السنة السابعة بقليل , حيث نجحت لتوها وتجاوزت الى الصف الثالث ابتدائي.

وتشاء الاقدار أن يجتاح مرض الكوليرا مناطق شاسعة من الشرق الموريتاني وتكون خديجة إحدى ضحاياه , حيث رحلت وتركت ابنتها مريم في حضانة خالة امها العجوز التي تقيم لوحدها بعد أن تزوجت بناتها وهاجر ابنها الوحيد للخارج.

علِمت مريم أن امها ماتت بعد أن أخبرتها صديقاتها بذلك , بينما كانت تسمع من خالة أمها انها ذهبت الى المدينة من اجل العلاج من مرض حمى الملاريا المعتادة بتلك المناطق في فترة الخريف.

ومنذ علمت مريم وتأكدت من وفاة والدتها وهي لا تفارق "لمبار" الذي كانت تعيش فيه مع أمها , تستنشق رماله , وتقبل أعمدته , وتشم كل جزء من الارض كانت ترى والدتها تجلس عليه أو تتمشى فوقه بلا حذاء.

وبعد شهرين على هذا الحال قالت لخالتها ذات ليلة : أمي تريدني , قالت إنها تحتاجني وسأذهب إليها غدا..فقالت خالتها : يا ابنتي لا تقولي مثل هذا ,واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ,فأنا أمك وسأفعل كلما كانت خديجة تفعله من أجلك ,وفي الصباح أيقظوها فلم تستيقظ ...لقد التحقت بوالدتها كما قالت وكما كانت تريد ,حيث دُفنت ملاصقة لها مقابل أحضانها.

رحم الله خديجة وابنتها مريم ما أشد وفاءهما وحبهما لبعضهما.