
قال الفقيه أحمد ولد الكوري إن من قتل المرتد فلا قصاص عليه ولا دية وأضاف الفقيه أحمد كوري في مقال مطول "إنه يمكن تعزيز من قتل مرتدا لافتياته على الحاكم لكن لا دية عليه ولا قصاص
نص المقال
حكم من سب النبي صلى الله عليه وسلم
سنتحدث عن محورين :
أولا. أنه لا خلاف في وجوب قتل من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا : أن جماهير أهل العلم على أنه يقتل مطلقا تاب أو لو يتب.
أولا:
أجمع أهل العلم على وجوب قتل من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونقل الإجماع على ذلك من المالكية ابن سحنون حيث قال : (أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر) . الشفا ص ٥٤٢. وكذلك القاضي عياض في الشفاء ص٤٥١ وابن القطان الفاسي في كتابه الاقناع في مسائل الاجماع ٢٧٠/٢.
ومن الحنابلة ابن تيمية في الصارم المسلول ص ٧ حيث قال : (وتحرير القول فيه أن الساب إن كان مسلما يكفر ويقتل بغير خلاف وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم). وكذلك المرداوي في الانصاف كما سيأتي.
ومن الشافعية ابن المنذر حيث قال : (أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم له القتل). الاشراف ٦٠/٨.
وكذلك الخطابي في معالم السنن ٢٩٥/٣.
وممن نقل الاجماع على ذلك من الحنفية القاضي ابن نجيم في البحر الرائق ١٣٥/٥. وكذلك ابن عابدين في رد المحتار ٢٣٢/٤.
وغيرهم كثير.
ثانيا : قتل الساب مطلقا:
ذهب جماهير أهل العلم إلى قتل ساب الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقا فإن تاب قتل حدا وإن لم يتب قتل كفرا وهو مذهب المالكية والحنابلة والمفتى به عند الحنفية وكثير من الشافعية حتى نقل الإجماع عليه أبو بكر الفارسي الشافعي فقال :(لو تاب لم يسقط القتل عنه فإن حد سبه صلى الله عليه وسلم القتل فكما لا يسقط حد القذف بالتوبة فكذلك لا يسقط حد القتل الواجب بسب النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة .. وادعى فيه الاجماع ) انظر : نهاية المطلب للجويني ٤٦/١٨ و وفتح الباري ٢٨١/١٢ و نيل الأوطار ٧/ ٢٢٤.
وقال ابن أبي أويس سمعنا مالك يقول : (من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل مسلما كان أو كافرا ولا يستتاب ) الشفا ص ٥٤٢.
وقال المرداوي الحنبلي في كتابه الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٢٥٧/٤
: (قيل يتعين قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم قلت وهذا هو الصواب وجزم به في الارشاد وابن البنا في الخصال وصاحب المستوعب والمحرر والنظم وغيرهم واختاره القاضي في الخلاف وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا هو الصحيح من المذهب وقال الزركشي يتعين قتله على المذهب . . ).
وفي الدر المختار للحصفكي شرح تنوير الأبصار للترمتاشي الحنفي ٢٣٢/٤ : ((والكافر بسب نبي ) من الأنبياء فإنه يقتل حدا ولا تقبل توبته مطلقا . . ومن شك في عذابه وكفره كفر ).
وقال الحصفكي : (قال العيني واختياري في الساب أنه يقتل. وتبعه ابن الهمام . قلت به أفتى شيخنا الخير الرملي وهو قو الشافعي . ثم رأيت في معروضات المفتي أبي السعود أنه ورد أمر سلطاني بالعمل بقول أئمتنا القائلين بقتله إذا ظهر أنه معتاده وبه أفتى..) الدر المختار ٢١٥/٤.
وقال الطحاوي : (ومن سب رسول الله أو تنقصه كان بذلك مرتدا ) شرح مختصر الطحاوي للجصاص ١٤١/٦.
والأدلة على ذلك كثير منها .على سبيل المثال :
– أ . من القرآن :
١. قال تعالى : (ومنهم الذين يوذون النبي ويقولون هو أذن ..) إلى قوله (فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) سورة التوبة ٦١-٦٣. فبين أن من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر محاد لله ورسوله مخلد في النار.
٢. وقال :(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة ٦٥-٦٦.
وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر .
٣. قال : (إن الذين يوذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) الأحزاب ٥٦. وطردهم من رحمة الله في الدنيا والآخرة مستلزم لكفرهم .
والآيات في ذلك كثيرة.
– ب. السنة :
١. عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال ((اقتلوه)) . صحيح البخاري ح(١٨٤٦) و صحيح مسلم ح (١٣٥٧).
وروى ابن عبد البر من طريق مالك عن الزهري عن أنس أن ابن خطل كان يهحو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر. التمهيد ١٦٦/٦.
وقال ابن بطال : استدل المالكيون من حديث ابن خطل أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل ولا يستتاب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بابن خطل . شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٥٢٠.
واستدل به القاضي عياض كما في إكمال المعلم ٤٧٧/٤ وابن العطار في العدة شرح العمدة ٥٢٠/٤. وابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ١٦٥/٦ حيث قال : (أخذ منه أيضا تحتم قتل من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير قبول توبته واستعاذته وتعلقه بأستار الكعبة) .
٢. وفي حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)) فقال محمد بن مسلمة أنا … الحديث . فقتله ابن مسلمة ومن معه. صحيح البخاري ح(٢٥١٠) وصحيح مسلم ح(١٨٠١).
قال السهيلي (في قوله من لكعب بن الأشرف جواز قتل من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ذا عهد ) فتح الباري ١٤٣/٥ .
واستدل بهذا الحديث أيضا ابن بطال في شرح البخاري ١٩٠/٥ و ابن الملقن في التوضيح ١٣٢/٢١ و العيني في عمدة القاري ٧١/١٣.
٣. عن أنس أن رجلا كان يتهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : ((اذهب فاضرب عنقه)) … الحديث.
صحيح مسلم ح(٢٧٧١). وبين القاضي عياض أنه ما جاز قتله بهذه التهمة إلا لأن فيها إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : (ومن آذى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء ملعون كافر استحق القتل). اكمال المعلم ٣٠٤/٨..
ملاحظة:
إذا قام فرد من المسلمين بقتل المرتد فلا قصاص عليه ولا دية ولكن يمكن تعزيره عند بعض الفقهاء لافتياته على الأمير . انظر مغني المحتاج ٤٣٧/٥
وقال القدوري الحنفي : (فإن قتله قاتل قبل عرض الاسلام عليه كره له ذلك ولا شيء على القاتل) قال الميداني : لقتله مباح الدم ) اللباب للميداني شرح مختصر القدوري ١١٦/٤.
وقال ابن قدامة في المغني : (فإن قتله غير الامام أساء ولا ضمان عليه لأنه محل غير معصوم. سواء قتله قبل الإستتابة أو بعدها).
والله أعلم .
أحمد بن الكوري الشنقيطي
عن ريم آفريك