ترقية نحو الوراء :مفارقة الترقية من مدير إلى مفتش تربوي في موريتانيا

في الوقت الذي يُفترض أن تكون الترقية الوظيفية حافزًا نحو مزيد من العطاء والجدية، يعيش قطاع التعليم في موريتانيا مفارقة صادمة تُصنَّف ضمن "الترقيات المُكلفة"، وهي الحالة التي يصبح فيها الموظف بعد الترقية في وضعٍ ماليٍ أسوأ مما كان عليه قبلها!

هذه هي الحقيقة المُرّة التي يواجهها العديد من مديري المدارس الابتدائية في بلادنا، فبعد سنوات من العمل الجاد والكفاءة والمواظبة، يتم ترقية المعلم إلى مدير مدرسة، وهي ترقية تُمثّل مكافأة معنوية ومادية، من خلال علاوة الإدارة التي تُضاف إلى علاوة الطبشور، العلاوة الأهم والأثقل وزنًا في راتب المعلم الموريتاني.

لكن المفاجأة تقع حين يُقرّر هذا المدير الطموح أن يخوض مسابقة الترقية إلى وظيفة "مفتش تربوي"، فينجح، ويتكوّن في المدرسة العليا للتعليم، ويتخرّج رسميًا مفتشًا مؤهلاً. وهنا تبدأ المفارقة: يُفاجأ هذا المفتش بقطع كلٍ من علاوة الإدارة وعلاوة الطبشور معًا، ليجد نفسه في سلمٍ وظيفي أعلى، لكن بمرتب أقل!

هل يُعقل أن يتحول طموح الترقية إلى عقوبة مالية؟ هل نُشجّع الكفاءة والطموح أم نُعاقب عليهما؟

الواقع أن هذا الخلل لا يتوقف عند الجانب المالي فقط، بل يترك آثارًا نفسية ومهنية خطيرة، حيث يُثني الكثير من المديرين الأكفاء عن التقدم لمسابقات التفتيش، خوفًا من خسارة مكتسباتهم المادية. وهو ما يُفرغ هذه المسارات من الكفاءات، ويُؤثر سلبًا على جودة الإشراف التربوي.

الحل؟

ينبغي على وزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي، ووزارة المالية، والوظيفة العمومية، أن تعيد النظر في نظام العلاوات، وأن تعمل على:

إعادة النظر في علاوة المفتش التربوي، لتكون عادلة وتُعوّض العلاوات المقطوعة.

أو الإبقاء على علاوة الطبشور للمفتشين، على اعتبار أن مهمتهم تبقى في صلب العملية التربوية.

أو استحداث علاوة نوعية جديدة خاصة بالمفتشين خريجي المدرسة العليا للتعليم.

كما نُوجّه دعوة مفتوحة لجميع النقابات التعليمية، والرأي العام التربوي، للمطالبة برفع هذا الظلم غير المنطقي عن فئة المفتشين، وإنصافهم بما يتناسب مع حجم مسؤولياتهم وتكوينهم.

إن إصلاح التعليم يبدأ من إنصاف رجاله.

بقلم: المفتش المصطفى عبد الكريم أحمذي