
الرسالة الأولى
سيدي الكريم :
ألستم من نزل منطقة أبي تلميت قادما من منطقة أزواد بعد إكمال الدراسة في منتصف القرن الثالث عشر الهجري ؟
ألستم من حفر البئر المسماة بأبي تلميت ؟
ألستم من من تجمع الناس حوله مغذيا للروح والجسد ؟
ألستم من بنى نواة هذه المدينة فحولها بالعلم والتربية من قاع صفصف. إلى ربوة ذات قرار ومعين ؟
ألستم من عهد إلى أبنائه برعاية هذه المدينة وساكنيها وزوارها فكانت أهدافكم النبيلة وصفاتكم المثلى كلمة باقية في عقبكم ؟
سيدي الكريم :
اليوم وبعد مرور مايقارب قرنين على التأسيس يؤسفني - وأنا المشناق لكم - أن أطلب منكم تأجيل زيارة الاستطلاع والتفقد حتى لو كان ذلك في عالم البرزخ دون عالم الدنيا .
سيدي الكريم :
مع العلم أنه في ظل النمو الديمغرافي للمدينة تتآكل حدود الأحواش الشكلية ، وفي ظل نظام الدولة الحديثة تضعف السلطة الأسرية التقليدية فتضعف مسؤولية العقب عن مجريات الأحداث ، أو تضيق حدود مساءلته دون أن تسقط .
سيدي الكريم يحزنني أن أقول لكم إن بتلميت اليوم أصبحت وكرا للجهل لا العلم ، رمزا للانحراف لا الاستقامة .
وحتى لا أكون مطلقا في مقام.التقييد أومعمما في مكان التخصيص أقول لكم إن الامتحانات الوطنية المنظمة في المدينة هي مناط الملاحظة والاستدلال ،
سيدي الشيخ سيديا الكبير :
لقد اعتدتم الآلاف يتقاطرون على هذه المدينة طلبا للعلم والكسب المادي واعتادهم الأبناء من بعدكم ، لكن هل في علمكم أن آلافا أخرى تتقاطر اليوم على المدينة من شتى أنحاء موريتانيامنذ سنوات طلبا للجهل والانحراف .
لقد أصبحت المدينة للأسف الشديد رمزا لفساد الامتحانات الوطنية ، رمزا للغش والإثراء بغير سبب شرعي ، والمؤسف في كل ذالك أن كل الفاعلين في العلمية التربوية مدان إلا من رحم ربك بدءا بالمؤطرين والمشرفين المؤمنين مرورا بالأساتذة رسميين أو عقدويين وانتهاء بالوكلاء والتلاميذ ، وما مسابقة ختم الدروس الإعدادية المنتهية 2017 منا ببعيد ، وغدا موعد شهادة الباكلوريا ولا أعلم هل ستلحق بسابقاتها غشا وتزويرا أم لا ؟
سيدي الكريم :
كثيرة هي القصص والوقائع التي تثبت ذلك ، من مشرف وفر لابنه أو قريبه أوزبونه أجوبة جاهزة بالرقم والاسم والمعلومات ، من أستاذ تمايل على هذه الطاولة أوتلك ليوصل معلومة لولد أو بنت مقبوضة الثمن نقدا أو عينا ، من مجموعات منظمة تبيع النجاج في الشهادات الوطنية مقابل مبالغ مالية محددة حسب نوع الشعبة .
سيدي الكريم :
إن الضحية في مثل هذه الأعمال هي الرصيد التاريخي والعلمي لهذه المدينة والأساتذة والمشرفون والوكلاء الملتزمون ، ويبقى التلاميذ المجدون هم الضحية الأبرز في صناعة الغش الرائجة في المدينة منذ سنوات .
لقد استبشر الشارع البوتلميتي خيرا مطلع العام الحالي بميلاد رابطة لمكافحة الغش تقوم عليها مجموعة من أبناء المقاطعة البررة لكن ما جرى في امتحانات الشهادة الإعدادية كان أعظم مما عرفته السنوات الماضية من خروقات ، فأين تلك الرابطة .
سيدي الكريم :
باسمك المحفور في جبين العلم والورع وبصفاتك الشاملة لمادون مرتبة التنبي أنادي أحرار هذه المدينة من عقبكم المبارك ومن غيره ، أنادي الفاعلين المخلصين في العملية التربوية ، أنادي السلطات الإدارية أنادي التلاميذ المجدين ، أنادي جميع الأحرار لإشعال ثورة حقيقية ضد هذه الممارسات المفسدة لمستقبل الأجيال والمسيئة لماضي هذه المدينة وتاريخها .
وإلى رسالة أخرى تغمدكم الله برحمته وأسكنكم فسيح جناته