الأزمة الخليجية من يحاصر من ؟

ما يحدث في الخليج العربي يتجاوز مجرد نظرة استعلائية ووصاية مفترضة تمارسها العربية السعودية على قطر..
ولا يمكن تفسيره خطأ على أنه محاولة قطرية للعب أدوار إقليمية ودولية لا تتناسب وحجم قطر _على الأقل من منظور سعودي وإماراتي .
ما يجري في الواقع هو صراع قوى دولية وإقليمية تتنافس على الانفراد بالكعكة العربية عموما والخليجية بشكل أخص خدمة لأغراض أكثر استراتجية من مجرد محاولات إثبات الذات التي أدمنها العرب قادة ومفكرين وشعوبا حتى..
مع أن القطرين كانوا أكثر ذكاء وقدرة على الاستشراف المستقبلي فأسسوا لمشروعهم الحضاري بصرف النظر عن التأويلات العربية السالبة غالبا والتي لم تعط من النتائج إلا مزيدا من الخراب والدمار ، حتى ولو تم التسليم جدلا بإسلامية المشروع القطري فعندها لا يمكن تسميته بالمجانف للصواب ولا المعاكس لتطلعات الشعوب مادام العالم يقف على مشارف حرب معتقدات دنية وسواء في أي ثوب تدثرت..

الواضح في المسألة أن العربية السعودية تحاول الخروج من عمق بحر المشاكل الذي أوقعتها فيه إيران، وهي لا ترى سبيلا إلى ذلك إلا باغراق المركب القطري الأقرب واقعيا واستراتيجيات للنجاة من السفينة السعودية المخروقة..
إن انتصار الحلف الإيراني في اليمن ووجود العراق وسوريا ولبنان واقعيا تحت الاحتلال الإيراني وعدم قدرة دول التعاون الخليجي على حسم المسألة الشيعية في البحرين مع استعصاء حل معضل الجزر (طنب الكبرى والعغرى ) محل النزاع بين الإمارات وإيران إضافة إلى تنامي المد الإخواني المدعوم افتراضيا من طرف النظام التركي والقطري وتأثيره القوي على القرار المصري ومحاصرة الإخوان المسلمين للقيادة المصرية التي أصبح دورها مقتصرا على البصم على كل ماتراه السعودية صوابا حتى ولو تعارض مع سيادة أم الدنيا إضافة إلى فهم السياسة الأمريكية القائمة على الاستفادة من اللحظة وابتزاز كل الأطراف وتراجع النفوذ الروسي واقتصاره على سرقة أطراف الفريسة كل ذلك وضع لأمور في سياق لا يمكن معه التنبأ بالخروج من الأزمة الحالية إلا بانتصار قطري مع السعي لحفظ ماء وجه السعودية وحلفائها في الخليج والعمل على التعويض المادي لبعض للبغاوات الأخرى من باعة المواقف ممن أصبحوا يحسون الحرج ويدركون خسارة رهاناتهم .