
رفعت عائلات قتلى عناصر الأمن وأقارب الصحراويين شعارات متعارضة وتبادلوا الشتائم خلال نظر محكمة الاستئناف الاثنين قرب الرباط في قضية مقتل 11 عنصر أمن مغربي بأيدى صحراويين في 2010. ويتابع مراقبون دوليون هذه المحاكمة الحساسة التي أصدر فيها القضاء العسكري حكما قبل أن تأمر محكمة النقض بإعادة النظر فيها أمام محكمة مدنية.
تبادل أقارب الصحراويين الذين يحاكمون بتهمة قتل 11 عنصر أمن مغربيا الشتائم مع عائلات القتلى، ورفع كل طرف شعارات متعارضة مثل "الشعب يريد إعدام الخونة" و"الحرية للأسرى الصحراويين".
وبدأت محكمة الاستئناف الاثنين في سلا قرب الرباط محاكمة 25 صحراويا متهمين بقتل عناصر الأمن العام 2010.
وكان الحكم في هذه القضية الحساسة التي يتابعها مراقبون دوليون، قد صدر من قبل محكمة عسكرية قبل أن تأمر محكمة النقض في تموز/يوليو الماضي بإعادة المحاكمة أمام محكمة مدنية.
وتعود وقائع الحادثة إلى 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 عندما تولت قوات الأمن المغربية تفكيك مخيم احتجاج أقامه آلاف الصحراويين قبل ذلك بشهر في أكديم إزيك خارج مدينة العيون، كبرى محافظات الصحراء الغربية.
لكن مواجهات اندلعت وأدت إلى مقتل 11 عنصرا من قوات الأمن وسقوط 70 جريحا بينهم أربعة مدنيين، بحسب السلطات.
وعلى الإثر اعتقلت السلطات المغربية مجموعة من الصحراويين ووجهت إليهم تهم "تشكيل عصابة إجرامية، وعنف في حق أفراد من القوات العمومية نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك".
وغصت قاعة المحكمة بالمحامين وأقارب الضحايا والمراقبين الدوليين والمحليين والصحافيين والشرطة والأمن بالزي المدني.
وصاحب دخول المتهمين رفع بعض الشعارات، إلا أن المحاكمة لم تشهد أي حادث يذكر.
وخارج المحكمة، تجمع أتباع الطرفين لا يفصل بينهم إلا رجال الشرطة، وكما في الجلسات السابقة، تبادلوا الشتائم.
وردد أكثر من مئة من أقارب الضحايا شعارات "الشعب يريد إعدام الخونة" و"أين هم الخونة؟ أين هم القتلة؟ أين هم الانفصاليون؟" حاملين الأعلام المغربية مع صور الملك محمد السادس والعسكريين القتلى.
ومن جهتهم رفع عشرات الناشطين الصحراويين شعار "الحرية للمعتقلين السياسيين الصحراويين".
كما هتفوا "الصحراء حرة" وارتدى الكثير منهم العمائم مع زيهم الأزرق اللون. وشاركت بعض النساء في أثواب متعددة الألوان وقد وضعن نظارات شمسية.
من جهة الصوت، كانت الغلبة للجانب المغربي الذي تفوق من خلال سلسلة مكبرات للصوت مقابل مكبر صوت واحد للمؤيدين للاستقلال.
كما كتب على بعض اللافتات "لا لتسييس الجريمة"، "لا للتأثير على محاكمة عادلة".
وبدأت المداولات خلال الجلسة بالعربية مع ترجمة إلى الفرنسية والإسبانية، حول الإجراءات ثم تم تقديم الأدلة المادية من سكاكين وفؤوس وأقراص صلبة لأجهزة كمبيوتر وعدد كبير من أجهزة الهواتف المحمولة في أكياس بلاستيكية.
وكانت محكمة الاستئناف قررت في آخر جلسة في 25 كانون الثاني/يناير رفض الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها النظر في ملف المتهمين واستجابت لالتماس قدمه الدفاع للكشف طبيا على المعتقلين مع رفض طلب الإفراج المؤقت عنهم.
وتولت كتيبة من رجال الشرطة والدرك التحقق من هويات الحضور الذين اصطفوا للدخول إلى قاعة المحاكمة. وكان عناصر الشرطة في زي مدني يدققون في الوجوه ويقومون بالتصوير باستخدام كاميرات مصغرة أو هواتفهم النقالة.
وقام رجال الأمن بعمليات تفتيش صارمة مع أجهزة للكشف عن المعادن قبل دخول قاعة المحكمة التي نصبت فوقها شاشة عملاقة ضخمة تبث المداولات.
ومن أجل استيعاب باقي الحضور، رتبت السلطات غرفة مجاورة مع تلفزيونات أخرى بشاشات عملاقة ودائما تحت أعين رجال الأمن.
وكانت المحكمة العسكرية في الرباط قد حكمت في 17 شباط/فبراير 2013 على المتهمين الصحراويين الـ 25 (أحدهم فار وصدر بحقه حكم غيابي) بعقوبات تراوحت بين السجن 20 عاما والمؤبد.
لكن منظمات غير حكومية دولية اعتبرت أن المحاكمة العسكرية "غير منصفة"، فأمرت محكمة النقض بإعادتها أمام محكمة مدنية.
والاثنين، ندد محامو الدفاع مجددا بالمساس بـ "الحقوق الأساسية" للمتهمين مؤكدين أن هذه المحاكمة الجديدة "تجري في ظروف غير منصفة لكننا سنظل إلى جانبهم".
فرانس24/أ ف ب