السر..الجزء الأول

كان طبيعيا أن أكون أول أهل الحي الذي إكتشف كنه تلك الجوقة ذات الصوتنمات المتنافرة الباعثة على هلع السامع، والتي لطالما افزعت كل ساكن في هذا الحي وسط النعمة سواي، إن مصدر تلك الخلطة الصوتية مابين مواء وهدير وصهيل وفحيح وأحيانًا دندنه وهينمة أو أنين. .إلخ هو بيت عتيق من الحجارة والطين
وقد وعيت على هذا البيت وفيه مالكوه وهم زوجان عجوزان يستضيفان أعدادا من طلبة القرآن الكريم وعلومه حيث يقوم الزوج بتدريس القرآن ومتون الفقه واللغة لطلبة من مختلف الأصقاع وتدرس الزوجة الأطفال في مرحلة الهجاء وعند بلوغ الذكور أو حفظهم اول ربع تبعث بهم إلى زوجها وتستبقي البنات
كان لهذين الزوجين أولاد هاجرو قبل مولدي إلى الخليج ويعودون في زيارات صيفية قصيرة.
ومنذو نعومة أظافري ألفت هذا البيت الذي تعمل فيه أمي كاجيرة تقوم على خدمة العجوزين وطلابهم حتى باتت كجزء من أهل البيت فاخذتني السيدة صاحبة البيت خديجة من أمي لاتعلم ومكثت في البيت حتى في الفترات التي تقعد أمي عن الخدمة بسبب حمل أو غيره وتلزم والدي واخوتي في بيتنا المتواضع في الطرف الآخر من الحي
فتعلمت في مرحلة التهجي على خديجة حتى عشرة أحزاب من القرآن الكريم ثم نقلتنني إلى أحد طلاب زوجها وهو سعيدو دانمبلي من النيجر والذي حصل من زوجها على إجازة حفظ القرآن وانتقل إلى مرحلة دراسة المتون على أحمد زوج خديجة والذي بات وقتها في مرحلة ضعف لم يعد بمقدوره مزاولة مهامه كما كان ثم توفي بعد فترة قصيرة
بعد وفاته أدارت خديجة المحظرة بتفاني وحنكة واستمرت بعد أن استاجرت من يقوم بالتدريس مكان زوجها بفضل تحويلات أولادها في الخليج واعانات ميسوري المدينة واستمر الحال حتى توفيت خديجة وبقي البيت مأهولا بطلبة من جهات مختلفة وتولت جماعة المسجد المجاور دفع أجر الشيخ الذي يقوم بمهمة التدريس حتى قدم أحد الورثة مبديا نيته بيع البيت لشخص نعماوي يعيش في الخليج وسيعود خلال شتاء العام المنصرم والسعر مغري فكان هذا ببساطة يعني إنتقال الطلاب إلى مركز جديد وقد توفر مكان بفضل جماعة المسجد على أن يدفع كل طالب رسم بسيطا للمساعدة وانتقل معظم الطلبة وكان سعيدو معلمي ضمن القلة المتبقية التي لاتملك أن تدفع في إنتظار ماقد يستجد خصوصا والشتاء لايزال بعيدا وقد بدأ الصيف للتو ومع بداية التساقطات المطرية الصيفية الأولى في شهر يونيو غادر سعيدو النعمة متجها إلى سوق النوارة الأسبوعي على الحدود بين موريتانيا ومالي وأتى في اليوم التالي للسوق عاقدا العزم على تبليط البيت كعادة أهل البيوت الطينية في كل موسم أمطار تبليطها بالطين وروث البقر حفاظًا على هذا المنزل الذي علي كما يقول سعيدو رعايته كما كان يفعل أصحابه حتى يتأكد نهائيا أنه بات لغيرهم أنهى سعيدو تجليد البيت وغادر النعمة كما جرت العادة أن يغادر الطلبة من بلدان مجاورة البلاد في موسم المطر حتى يساعدو ذويهم في أعمال الحقل ثم يعودون بداية الشتاء.
تستمر الأيام والأحاديث عن المشتري القادم من الخليج لهذا البيت وتبدأ عواصف الشتاء ولياليه قارصة البرودة، فيبدأ البيت المهجور وقتها بحكم مغادرة آخر المتبقين فيه من طلبة تزامنا مع موسم أمطار الصيف يبدأ البيت يصدر أصواتا غريبة مفزعة بشهادة كل من ألقى السمع
بل ويتحدثون عن شموع ذابلة وانين ألم وزلقطة غير مفهومة وأشخاص يظهرون ويختفون وبكاء وضحك فطارت قصة البيت إلى مسمع كل ساكنة المدينة وقصة سكنه بالجن ولكنني الوحيد الذي سلم من عدوى الهلع في صفوف سكان الحي الذين انتقل بعضهم لاحياء اخرى سكان المدينة ككل اصابتهم حالة الهلع تلك بسبب تواتر الشهادات على حقيقة وجود تلك الأصوات. ..يتبع
شيخنا اتريميز


  
صوتك
www.swatak.net
2019-04-01 11:26:52
رابط هذه الصفحة:
http://sawtak.info/article4710.html